السرعة الزائدة تقتل… فلماذا لم نتعلم منها؟

السرعة الزائدة تقتل... فلماذا لم نتعلم منها؟

Table of Contents

على مدار العقود الماضية لم يتغيّر شيء في حقيقة أن السرعة الزائدة تقتل مهما استخدمنا من تقنيات السلامة المرورية. ورغم آلاف الحملات الإعلانية، والإحصائيات المفزعة، وصور الحوادث التي تُقطّع نياط القلب، إلا أن شريحة كبيرة من السائقين ما زالت تتعامل مع السرعة على أنها مهارة أو استعراض، لا خطرٌ داهم.

الطريق لا يرحم. وكل ثانية فارقة قد تكون الفرق بين الحياة والموت. فكيف وصلنا إلى هذا المستوى من التطبيع مع الخطر؟ ولماذا لم نُغيّر سلوكنا رغم كل الدروس المؤلمة التي مرت بنا أو أمام أعيننا؟ في هذا المقال، نغوص سويًا في جذور هذه المعضلة، ونحاول أن نفهم: لماذا لم نتعلم من السرعة، رغم أنها قتلت الآلاف؟

 السرعة الزائدة تقتل... فلماذا لم نتعلم منها؟

حين تتحول العجلة إلى مأساة بسبب السرعة الزائدة

السرعة الزائدة ليست فقط مخالفة مرورية. إنها قرار متهور يحمل في طياته احتمالية كارثة. عندما تتجاوز السرعة المسموح بها، فأنت لا تعرض حياتك فقط للخطر، بل حياة ركابك، والمشاة، والسائقين الآخرين.

ولك أن تتخيل، أن اصطدامًا على سرعة 100 كم/س ليس كالصدام على 60 كم/س. الفرق قد يبدو بسيطًا في الأرقام، لكنه فاصل في النتائج. الطاقة الناتجة عن التصادم تزداد بشكل هندسي مع زيادة السرعة، ما يعني أن فرصة النجاة تقل بشكل حاد كلما زادت السرعة، حتى وإن كان السائق ماهرًا أو الطريق فارغًا.

الخدع القاتلة  في السرعة الزائدة

كثير من السائقين يبررون السرعة الزائدة بثقة زائفة: “أنا متعود”، “أنا أعرف الشارع كويس”، أو “معايا سيارة قوية بتثبت على الأرض”. لكن الواقع أثبت أن هذه الثقة هي أول أبواب الحوادث. الحوادث القاتلة لا تُفرق بين متمرس ومبتدئ، ولا بين سيارة فارهة أو عادية، الخطر واحد، والنتائج مؤلمة دائمًا.

كلمة “أنا مسيطر” للأسف، هي ما نسمعها من كثيرين قبل أن تُعلن النشرات نبأ الحادث، أو قبل أن تصمت هواتفهم إلى الأبد.

لماذا لم نتعلم من الحوادث السابقة؟

سؤال مؤلم لكنه حقيقي. لماذا ما زلنا نسرع رغم أننا رأينا أقرباء وأصدقاء وجيران فقدوا حياتهم بسبب السرعة؟ الحقيقة أن الإجابة معقدة، لكنها تدور في محاور عدّة:

 الاعتياد على الخطر

عندما نعتاد رؤية السرعة دون عقوبة أو حوادث، يبدأ دماغنا في التطبيع معها، فتفقد السرعة هيبتها، ويتحول سلوك متهور إلى روتتين يومي.

السرعة الزائدة والاعتياد على الخطر

غياب الردع الحقيقي

رغم وجود القوانين، إلا أن التطبيق المتساهل أو ضعف الرقابة في بعض المناطق يجعل المخالفة تُحسب كغرامة مالية فقط، وليست كجريمة قد تودي بحياة أبرياء فهل هذه المرة سيكون الضحية طفل أم عائلة كاملة 

غياب الرددع الحقيقي للسرعة الزائدة

 الثقافة العامة

في بعض المجتمعات، يُنظر إلى السائق السريع على أنه “جريء” أو “رجولي”، وكأن القيادة الرزينة تعني الضعف أو الخوف! هذه المفاهيم المغلوطة هي ما تغذي سلوكيات خطيرة دون وعي جماعي بخطورتها.

الضحية: طفل، أم، عائلة كاملة

من المؤلم أن معظم ضحايا الحوادث ليسوا فقط السائقين المتهورين، بل أشخاص لم يكن لهم ذنب. طفل كان يعبر الشارع، أسرة كانت في طريقها لزيارة، أو حتى عامل يمشي على جانب الطريق. السرعة الزائدة لا تختار ضحاياها، بل تفتك بأي من تصادفه في لحظة خاطئة.

ولعل من أكثر القصص تكرارًا، أن نجد سيارة مدمرة، وداخلها أب وأم وأطفال، خرجوا في نزهة ولم يعودوا.

السرعة ليست فقط مشكلة مرورية، بل هي سلوك مجتمعي يحتاج لتغيير حقيقي في الوعي والعقلية. الحل لا يبدأ فقط من القانون، بل من كل شخص كما ذكرنا في المقال السابق:

الأهل

بتعليم أبنائهم من البداية أن الطريق ليس حلبة سباق.

المدارس

بغرس مفاهيم القيادة الآمنة ضمن التربية المرورية.

الإعلام

بتركيز الحملات على القصص الواقعية والتأثير العاطفي، لا فقط القوانين.

الحكومات

بتكثيف الرادارات والرقابة، وربط مخالفات السرعة بنتائج مباشرة مثل سحب الرخصة مؤقتًا أو دورات إلزامية في السلامة.

التكنولوجيا تُنقذ.. لكن لا تكفي والأرقام لا تكذب

رغم التقدم التكنولوجي الكبير في أنظمة المكابح الذكية، وتحذيرات الخروج عن المسار، وأنظمة التوقف التلقائي، إلا أن هذه الأدوات وحدها لا تكفي. فالسائق هو العامل الأهم، وإذا لم يتخذ قرار التمهّل والقيادة بحذر، فلن تفيده كل التقنيات.

Scroll to Top